القراءة السريعة” مفهومٌ يُشير إلى استعمالِ مجموعة من الأساليب التي في نهايتِها تهدفُ إلى زيادة معدَّلات سرعة القراءة، وبنفس التركيز، ودون التأثير على الفهم، وتهدف القراءة السريعة إلى قراءة مادة كبيرة في فترة زمنية قصيرة، وبالتالي فهي توفِّر الوقت وتزيد من ذكاء الإنسان.
أول مَن تحدَّث في موضوع الصورة بعلومِ النظر وعلوم تكوُّن الصورة في عقل الإنسان هم العرب؛ كأبي بكر الرازي، والحسن بن الهيثم عالم البصريات الشهير، ونحن نفتخر جدًّا عندما نعلم أن الجامعات العالمية في أوروبا وأمريكا تقومُ بتدريس علوم الحسن بن الهيثم، الذي يعتبر أول مَن تحدَّث عن علم البصريات والرؤيا والنظر، وبالتالي يعتبر العلماء العرب هم المصدر، وبعد ذلك جاء عالِم فرنسي يدعى إيميل جافال؛ حيث انتبه أن للعين وقفات وقفازات، قال: عندما يقوم الإنسان بتثبيت العين على الكتاب تقرأُ ما بين خمس وسبع كلمات في الوقت الواحد، ومن هنا ظهرت بدايات القراءة السريعة، وبعد ذلك في الحرب العالمية الثانية انتبه القادة بالمملكة المتحدة إلى أن الجنود لا يعرفون تحديد الهدف بطريقة صحيحة، وبالتالي يقومون باصطياد أصدقائهم عن طريق الخطأ، فقرروا أن يدربوا الجنود على أن تقوم العين بتحديد الهدف، واستخدموا جهازًا يسمى التيكتسكوب، هذا الجهاز يقوم بتحديد الهدف خلال دقائق، ويجعله أكثر وضوحًا أمام الجنود، وبالفعل بدؤوا بتدريب المقاتلين في الحرب على هذا الجهاز، وبالفعل هذا الجهاز نجح وحقَّق نتائج إيجابية عالية، ومن هنا قرروا أن يستخدموا هذا الموضوع على القراءة؛ بحيث نعمل على زيادة عدد الصور التي تراها العين في أقل وقت، ومن هنا بدأ تاريخ القراءة السريعة.
ما هو التاريخ الحقيقي لظهور مصطلح القراءة السريعة؟
كانت البداية الأساسية في أواخر الخمسينيات عندما ظهرت باحثةٌ تسمَّى إيفلين وود، وبعدها تطوَّر مفهوم القراءة السريعة مع ظهور عدَّة مدارس خاصة بتعليم القراءة السريعة، حتى وصل العلم إلى عامِنا هذا واتسعت رقعة المدارس التي تعلم القراءة السريعة.
لماذا نحتاج إلى القراءة السريعة في حياتنا؟
في البداية موضوعُ القراءة السريعة هو موضوع مهم جدًّا، ونحن نحتاجه اليوم أكثر من أمس، وأكثر من غد، فأول توجيهٍ رباني نزل في القرآن الكريم كان: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، فلم يقل الله عز وجل: آمن، ولم يقل: اعبد أو صلِّ، ولكن قال: ﴿ اقْرَأْ ﴾، والقراءة السريعة مطلوبةٌ من ناحية الشرع، يقول رب العالمين عز وجل: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، كما أن القراءة السريعة مطلوبة من الناحية العلمية والعملية أيضًا، فلو نظرنا إلى الإحصائيات في عموم الدول العربية والوطن العربي، للأسف سوف نجد أن متوسط القراءة عند الشخص الغربي هي مائتا ساعة بالسنة، بينما الشخص العربي ست دقائق فقط، كما أن الأمية في جمهورية مصر العربية تعادل نصف المجتمع المصري، أو أربعون في المائة من المجتمع المصري أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وأغلبهم سيدات، وهذا وضعٌ يجعلُنا مهتمين أكثر بموضوع القراءة السريعة، كما يجب الاهتمام أكثر بموضوع القراءة عندما نعلم أن مجموع الورق الذي تستخدمه كل دُور النشر في الوطن العربي يعادل ما تستخدمه وسيلة نشر فرنسية واحدة وهي باليمار الفرنسية!
كما أن الإحصائيات تقول: إنه في أوروبا يُطبع لكلِّ خمسة عشر ألف شخص نسخة كتاب، بينما في الدول العربية يُطبع نسخة كتاب لكل ربع مليون شخص، وبالتأكيد هناك فجوة كبيرة بين الدول العربية والغربية، وبالتالي يجب الاهتمام بموضوع القراءة.
القراءة السريعة فطرة وغريزة في النفس أو هواية؟
القراءة عادة، فهي دَيْدن العظماء وكلمة دَيْدَن هي الفعل المداوَم عليه، ولذلك من الخطأ الجسيم أن نطلق على القراءة أنها هواية؛ لأن الهواية هي الشيء الذي لا يحتاجه الإنسان في حياته العادية، بعكس القراءة، فكما أن الطعام هو غذاء للجسد، فإن القراءة هي غذاء للروح، فلا يستطيع أحد أن يعيش بدون طعام جسدي، وبالتالي فإن القراءة هي غذاء الإنسان الفكري والروحي، بالإضافة إلى الطريقة الخاطئة التي تعلمنا بها القراءة في طفولتنا، فالمعروف أن الطفل يتعلم القراءة بإحدى طريقتين:
ما هو متوسط القراءة السريعة لدى الأشخاص؟
أكدت النتائج اختلاف مستوى سرعة القراءة باختلاف المراحل العمرية، فطلاب المرحلة الابتدائية عادة يقرؤون بسرعة من مائة لمائة وخمسين كلمة في الدقيقة، وطلاب المرحلة الإعدادية يقرؤون من مائتين لمائتين وخمسين كلمة في الدقيقة، أما طلاب المرحلة الثانوية، فيقرؤون من ثلاثمائة إلى ثلاثمائة وخمسين كلمة في الدقيقة، ولكن نجد في المراحل الأخرى ما بعد الثانوي والجامعة تعود السرعة المتوسطة في القراءة، وهي من مائتين لمائتين وخمسين كمدى متوسط.
هل تكون السرعة واحدة في قراءة الكتب في مختلف العلوم والمواد أو تختلف؟
ليس شرطًا أن نقرأ الكتب السياسية في نفس الوقت الذي نقرأ فيها كتبًا اجتماعية عملية، ولكن المرونة في هذه الحالة هي التي تُحدِّد القراءة، وبالتالي يستطيعُ الفرد من خلال المرونة أن يُغيِّر سرعتَه في قراءة كل كتاب، ونضرب مثالاً بسيطًا في هذا الأمر، فسائق السيارة لا يسير على سرعة محددة طول الطريق، ولكن يزيد ويقلل من سرعته بحسب الطريق، وهذا ما يحدث تمامًا عند قراءة الكتب المختلفة في جميع المجالات، وبالتالي لا بد أن يتمتَّع الشخص بالمرونة الكافية التي يستطيع من خلالِها توازنَ واختيار سرعة القراءة لكل كتاب على حدةٍ.